الخميس، كانون الأول ٠٤، ٢٠٠٨

المناظير الحديثة كاميرات تسبح في الجسم
شهدت السنوات الاخيرة ثورة كبرى في مجال الجراحة تمثلت في ابتكار تقنيات واجهزة دقيقة بعضها متناه في الصغر لمساعدة الاطباء على تشخيص الامراض واجراء العمليات الجراحية بطرق حديثة تقلل نسبة المخاطر بشكل اكبر بكثير مما هو الحال عند اجراء العمليات الجراحية التقليدية، خاصة الكبرى منها. وعلى نحو مغاير مما نعرفه عن المناظير التقليدية التي ما زال الاطباء في مختلف انحاء العالم يستخدمونها حتى اليوم، فإن المناظير الجديدة هي كاميرات لا يزيد حجمها عن حجم حبة دواء عادية، لكنها بعد ان تقوم بانجاز المهمة المطلوبة منها فانها تنهيها بالخروج من الجسم ومن ثم استخراج ما انتجته من صور خلال رحلتها من البلعوم حتى الشرج في مدة ثماني ساعات داخل الجسم.
من آخر الابتكارات التي طورها علماء أمريكيون أصغر جهاز منظار داخلي من شأنه أن يحدث ثورة طبية على صعيد تشخيص الأمراض وعلاجها.
وهذه التقنية الجديدة تعد أحد أصغر الأجهزة في العالم القادر على سبر أغوار جسم الإنسان، وتتمثل في نظام “سكانر” ليزري بحجم كبسولة الدواء وموصول بألياف بصرية ويستعمل لكشف وتصوير سرطان المريء.
وما يميز الجهاز الجديد الذي ابتكره مهندسون في جامعة واشنطن هو مرونته وحجمه الذي لا يتجاوز نصف حجم أقرب منافسيه، فضلا عن سهولة استخدامه مقارنة بالمنظار العادي الذي يزعج المرضى والذي من الممكن أن يعلق في الفم أثناء إقحامه بشدة عبر الفم حتى يصل إلى المكان المطلوب داخل الجسم.
غير ان مخترعي التقنية الجديدة يواجهون تحدي إدراج نظامهم الجديد في قائمةالضمان الصحي” الامريكية، حيث كان من المتوقع أن 30 مليون أمريكي سيكونون مستعدين لدفع ثمن الفحص بهذه الكاميرا العجيبة متناهية الصغر والتي لا تتطلب منهم سوى بلعها ليرى الطبيب ما في داخل أحشائهم ثم الخروج مع البراز لاحقاً.
وعلى الرغم من ذلك يأمل المخترعون من جامعة واشنطن أن يتمكنوا من إدراج الكاميرا الكبسولة الجديدة، في قوائم شركات التأمين على اعتبار أن الفحص بهذه الطريقة سيكون أرخص ثمنا وأسرع من الكبسولة السابقة بالإضافة إلى أنها تتيح للطبيب حرية أكبر في التحكم بها.
وعلى النقيض من الكبسولة المنظار السابقة التي كان المريض يبلعها لتخرج من الجسم مع الفضلات، فإن الكبسولة الليزرية الجديدة التي طورتها جامعةواشنطن” يمكن أن يسحبها الطبيب مثل المنظار التقليدي وهي مجهزة بضوء ملحق بنهايتها وتستخدم لفحص تجويف الجسم وأعضاء مختلفة منه.
والميزة المهمة الأخرى التي تتمتع بها هذه الكبسولة هي أنها لا تتطلب تخدير المريض كما يجري لدى استخدام أنواع المناظير العادية.
ويعتقد فريق جامعة واشنطن، أن الفائدة الأولى التي سيحصل عليها الطب من هذه الكبسولة تتمثل في علاج المرضى الجدد الذي ينفرون من طريقة تشخيص سرطان المريء لأنها غير مريحة على الإطلاق بالنسبة لهم علاوة على ارتفاع تكلفتها والوقت الطويل الذي تستغرقه.
وقال الباحث إيريك شيبل، أستاذ الهندسة الميكانيكية بجامعة واشنطن: “ستسهم هذه الكبسولة إلى حد كبير في دفع عدد أكبر من الناس للخضوع للاختبارات الكشف”.والجدير بالذكر أن آلاف الأشخاص يصابون سنويا بسرطان المريء.
وقد شهدت أمريكا وحدها السنة الماضية، أكثر من 15 ألف حالة إصابة، ووفاة 14 ألف مريض، حسب تقارير المعهد الأمريكي للسرطان.
وغالبا ما ينصح الأطباء الناس بالابتعاد عن تناول الكحول والتدخين كي ينأوا بأنفسهم عن شبح هذا المرض الخطير.
ومن العوامل الأخرى التي تساهم في الإصابة بالمرض حالة الارتجاع المعوي والمتمثل بعودة الطعام المهضوم أو مادة الصفراء التي يفرزها الكبد إلى المريء مرة أخرى ويمكن أن تؤدي حينذاك إلى تهيج المريء وظهور خلايا غير طبيعية تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان.
وكبسولة جامعة “واشنطن” قادرة على التقاط صور فيديو أثناء حركة جهاز نظامالسكانر” إلى الأعلى أو الأسفل داخل أنبوب المريء. ومثل هذا التحكم بالكاميرا كان غير ممكنا في الكبسولة السابقة نظرا لضيق نطاقها.
وتأتي التقنية المتطورة لجامعة واشنطن على شكل كبسولة بلاستيكية كي يكون وزنها خفيفا وتسهل عملية بلعها.
وعلى أي حال، فانه إذا ما اكتشفت الكبسولة المنظار أي خلايا غير طبيعية فإنه ينبغي على المريض لاحقا الخضوع لإجراء منفصل يتم بموجبه أخذ خزعة من هذا الورم لفحصه مختبريا.
وقالت ليزا نورتون، مدير التقنية في وحدة “تيك ترانسفير” التابعة لجامعة واشنطن والتي تساعد على ترخيص اختراعات الجامعة، إنه من المتوقع أن توقع الجامعة قريبا اتفاقا مع إحدى الشركات المصنعة للأجهزة الطبية، من أجل البدء بمرحلة إنتاج هذه الكبسولة. وفي حالة حصول الاختراع على موافقة (إدارة الغذاء والدواء) الأمريكية يمكن حينذاك طرحه للبيع في الأسواق في غضون سنوات قليلة. ويعتزم إيريك شيبل وزملاؤه في المضي قدماً في التفكير باستخدامات أخرى يمكن أن تدخل الكبسولة المرنة فيها ومن دمجها مع أجهزة تساعد على استكشاف مناطق عصية وتصوير البنكرياس أو قناة فالوب. كما يمكن استعمال مثل هذا الاختراع في مجالات أخرى مثل تصوير الزوايا البعيدة في أجنحة الطائرة. وإذا ما نجحت عملية التسويق فان جامعة واشنطن ستنال ثلثي العائد، في حين يذهب الثلث الآخر إلى إيريك شيبل وزملائه أو المشاركين في الاختراع وعددهم 15. وتشهد العديد من المستشفيات المتطورة في العالم إقبالاً متزايداً على تقنية 2004PillCam ESO) وهي أيضاً بحجم الكبسولة ومزودة بكاميرتين في كل طرف يستخدمها الأطباء لتشخيص أمراض المريء في الحالات التي يمكن أن تتطور إلى سرطان.
وهذه الكبسولة قادرة على التقاط ما يقارب 2600 صورة للمريء ( 14 في كل ثانية)، وتنتقل الصور من الكبسولة إلى جهاز تسجيل وفي أقل من 20 دقيقة يكون أمام الطبيب المعالج عدد من الصور كافٍ لتشخيص الحالة بدقة متناهية. على أي حال.
وهناك إجراءات بسيطة ينبغي أن يتبعها المريض قبل خضوعه للفحص بهذه الكبسولة وهي :
التوقف عن الأكل والشرب قبل ساعتين من بلع الكبسولة.
يستلقي المريض على ظهره ويبلع الكبسولة مع الماء.
بعد بلعه للكبسولة يرفع الطبيب المريض بمقدار 30 درجة كل دقيقتين وخلال فترة ست دقائق من البلع إلى أن يجلس بصورة مستقيمة.
تنزل الكبسولة داخل المريء خلال حوالي 3 دقائق.
تنتقل الصور إلى جهاز تسجيل مثبت على حزام يضعه المريض حول خصره. وتستغرق كل عملية فحص حوالي 20 دقيقة، وتستخدم الكبسولة لمرة واحدة وتخرج لاحقا من الفتحة المعوية بصورة طبيعية ومن دون أي ألم وذلك خلال 24 إلى 72 ساعة.
ويقول الخبراء إن هناك عدة فئات من البشر ينبغي ألا تستخدم الكبسولة بينها من يعانون من مشاكل في البلع أو يعانون أو يشك في أنهم يعانون من عوائق، أو تضيق في المريء. كما أنها محظورة على المرضى الذين يحملون منظم ضربات قلب أو أي أجهزة كهربائية أخرى مزروعة داخل الجسم.
الفرق بين المناظير العادية ومنظار الكبسولة:
تتطلب عمليات المناظير الآتي:
امتناع المريض عن الطعام والشراب لمدة لا تقل عن 8 ساعات.
تعاطي أدوية مسكنة قبل إدخال المناظير في الجسم.
عملية لإدخال المنظار في الجسم.
البقاء في المستشفى بضع ساعات حتى يزول مفعول المسكنات قبل الخروج.
حاجة المريض لمرافق يصطحبه عند خروجه بعد الانتهاء من العملية، فالمريض لن يستطيع قيادة السيارة، بل وليس مخولاً بذلك طوال ذلك اليوم فتأثير المسكن يبقى في الدم لساعات طويلة.
أما كبسولة المريء فلا تتطلب أيا من ذلك، إذ إن كل ما هو مطلوب هو:
أن يمتنع المريض عن الطعام والشراب لمدة ساعتين فقط قبل ابتلاع الحبة “كبسولة الكاميرا
يطلب من المريض الاستلقاء على ظهره في وضع أفقي اثناء ابتلاع الكبسولة لمدة دقيقتين يرافق ذلك وضع 3 أجهزة استشعار فوق صدره وحزام تتدلى منه مسجلة رقمية ومن ثم يطلب من المريض النهوض قليلاً ثم الجلوس ثم تنفصل الأجهزة عنه وكل ذلك يستغرق عشرين دقيقة فقط.
آلية عمل الكبسولة
تقوم كبسولة الأمعاء بالتقاط صورها بعد بلعها مباشرة وأثناء مرورها الطبيعي مع حركة الأمعاء، والتي تلتقطها أجهزة الاستشعار الثمانية المثبتة ببطن المريض لترسلها إلى جهاز التسجيل المثبت على حزام الخاصرة، وفي هذه الأثناء يقوم المريض بممارسة حياته الطبيعية لمدة 8 ساعات، وبعد فصل الاجهزة عن المريض يقوم الطبيب بقراءة شريط الفيديو المسجل بجهاز التسجيل عن طريق الكمبيوتر.